نشأة مدينة الأبيض منذ القرن 15 ميلادي والى الأستقلال
Wednesday, 18 May 2011الدراسات الأولية لتوثيق وتوريخ المدن السودانية
الطالبة / أماني يوسف بشير
إشراف د / هويدا محمد آدم
كلية الآداب - قسم الآثار جامعة الخرطوم
ملخص البحث :-
يوثق البحث نشأة مدينة الأبيض وتاريخها وتطورها، إضافة الى المواقع الآثارية في المدينة وما حولها، ويعتبر أول دراسة ضمن سلسلة الدراسات الأولية لتوثيق وتوريخ المدن السودانية من الناحية التاريخية والأثارية. فمدينة الأبيض من المدن السودانية الكبيرة والهامة وهى العاصمة السياسية والإدارية والتجارية لولاية شمال كردفان، وتحتل المرتبة الأولى في إنتاج الصمغ العربي، الحبوب الغذائية كالسمسم ، الدخن والفول السوداني، والمرتبة الثانية في إنتاج الذرة الرفيعة بكل أنواعها، الى جانب احتكارها لمحصولى الكركدي وحب البطيخ، كما تحتل المركز الأول في السودان إنتاجاً للثروة الحيوانية.
تعتبر (أبيض البقعة كما أطلق عليها المهدي) ، ثاني مدينة سودانية من حيث التاريخ القومي بعد أم درمان، بل يعتبرها بعض المؤرخين في مرتبة واحدة مع مدينة أم درمان ، ففي أرضها شبت وترعرعت الثورة المهدية، ودارت فيها أهم المعارك الحربية الفاصلة بينها وبين المستعمر (موقعة شيكان ابريل 1883م) حيث سيطرت بعدها الثورة المهدية على بقية أنحاء البلاد .
لم تحظ المدينة بأي دراسات آثارية من قبل رغم أهميتها كمدينة إدارية وتجارية ليس على مستوى غرب السودان فقط ، بل على مستوى السودان عامة، كما لم تتعرض لأي استكشافات من قبل الرحالة والمستكشفين مما جعل لتجاهلها فراغ في الخارطة الآثارية السودانية .
ليس هدف الدراسة الناحية الآثارية فقط، وإنما التوثيق التاريخي والأنثربولوجى والإثنولوجى والفلكلورى للمدينة ، خاصة وان المصادر الدراسية لهذه الأغراض قليلة ومشتتة ، فجميع الكتابات تدور في محور الموضوع الواحد كما لا توجد معلومات مجتمعة في كتاب واحد، بل موزعة على الكتب والرسائل العلمية وروايات شفهية لبعض الأفراد.
يتضمن البحث في محتواه العام مقدمة، وأربعة أبواب:
تتناول المقدمة الإطار المنهجي للبحث، والذي يشتمل على موضوع البحث وأهميته، وأهدافه ومشاكله ومنهج الدراسة والمدى الزماني للبحث ومنطقة الدراسة. اما لب الدراسة فتتكون من:
الباب الأول الذي يتناول فصله الأول الخلفية الجغرافية العامة للولاية بالإضافة للدراسات السابقة لها، أما الفصل الثاني فيشمل الخلفية التاريخية لشمال كردفان . يتناول الباب الثاني موقع، موضع، وتاريخ مدينة الأبيض الإقتصادي، السياسي، الإجتماعي، والتعليمي. ويتناول الباب الثالث في فصله الأول الخلفية الدينية للمدينة(المسيحية والإسلامية) ثم في فصله الثاني العمل الميداني للمواقع الآثارية والتاريخية بمدينة الأبيض وما حولها.
تختتم الدراسة بالباب الرابع الذي يحتوي على الدراسة التحليلية ، والنتائج ، والتوصيات ثم المراجع والملاحق.
جغرافية كردفان الكبرى :
تحتل كردفان الوسط الجغرافي من خريطة السودان على وجه التقريب بالرغم من ميلها الجغرافي ناحية الغرب، فشكلها بوجه عام يمكن اعتباره صورة مصغرة للسودان، وهي من أكبر ولايات السودان مساحة، وتنحصر بين دائرتي عرض 30ْ ,16ْ م– 9 ,30ْ شمالا وخطي طول 36 , 40ْم 32,35 ْم شرقا تقريبا.( )
تبلغ مساحتها حوالي379,312 كلم2، وتحدها من الشمال المديرية الشمالية، ومن الشمال الشرقي مديرية الخرطوم ومن الشرق مديرية الجزيرة، ومن الغرب مديرية دارفور، ومن الجنوب مديرية أعالي النيل، ومن الجنوب الغربي مديرية بحر الغزال. الجزء الأكبر منها يتكون من سهول وأراضي متموجة خالية من الأنهار وقاحلة يبلغ متوسط إرتفاعها حوالي 1500 قدم. تم تقسيمها الى ثلاث ولايات وكان ذلك عام 1994م وهي:-
1. ولاية شمال كردفان وعاصمتها الأبيض.
2. ولاية غرب كردفان وعاصمتها الفولة.
3. ولاية جنوب كردفان وعاصمتها كادقلي. ( )
وبعد إتفاقية نيفاشا تم دمج الجزء الشمالي من كردفان (النهود) لولاية شمال كردفان، والجزء الجنوبي لولاية جنوب كردفان (الفولة) لتصبح كالأتي:
1. ولاية شمال كردفان وعاصمتها الأبيض
2. ولاية جنوب كردفان وعاصمتها كادقلي
ولاية شمال كردفان :
تقع وسط السودان، غرب النيل الأبيض بين خطي طول 22,َ32ْ و27َْ,30 ْ شرقاً، وخطي عرض 2َ,14ْ و 38َ,16ْ شمالاً، بمساحة تقدر ب 240,974 كلم2 من جملة مساحة السودان البالغة 2,506 مليون كلم2 ، كما ويبلغ تعداد سكانها حسب إسقاطات 2008م حوالي 4,3 مليون نسمه تقريباً.
وتتكون الولاية من 9 محليات ( شيكان، بارا، أم روابه، سودري، جبرة الشيخ، النهود، غبيش، ابو زبد، ود بنده)( ) تحد ولاية شمال كردفان ولاية النيل الأبيض من الشرق، ومن الشمال الشرقي ولايةالخرطوم، ومن الشمال الولاية الشمالية ومن الغرب والشمال الغربي ولاية شمال دارفور، ومن الجنوب ولاية جنوب كردفان ومن الغرب ولاية جنوب دارفور(حسب تقسيم كردفان الأخير)( )
تنقسم ولاية شمال كردفان جغرافياً إلى ثلاث أجزاء:-
النطاق الصحراوي نطاق القوز النطاق الجنوبي
وهو منطقة صحراوية تقع شمال خط 30َ -14ْ ش سكانه من الكواهلة والكبابيش والهواوير وقبائل الجبال البحرية عبارة عن كثبان رملية تعطي شكلاً متموجاً تسمى بالقوز، وتقع ما بين خطي طول 20َ ,11ْ - 30َ,14ْ، ,كما بالنطاق مناطق زراعية وأخرى رعوية، يقع هذا النطاق من خط عرض 20َ, 11ْ حتى حدود الجنوب، وتربته صلصالية ويوجد بها مستنقعات جراتينية، تخترق هذا القطاع بعض الوديان التي تصلح فيها الزراعة.
البنية الجيولوجية
أهم التكوينات الرئيسية بكردفان وفقاً للتتابع الزمني هي :-
صخور القاعدة الأساسية ما قبل الكمبري تكوينات ناوا تكوينات الصخورالرملية تكوينات أم روابه التكوينات السطحية
انظرخريطة رقم (3)
مظاهر السطح والتضاريس والتصريف:-
تعتبر كردفان منطقة انتقال من ناحية التضاريس بين السهول الطينية والوسطى في السودان وبين مرتفعات دارفور في الغرب، لذا نجد انحدار السطح بصفةعامه من الغرب إلى الشرق، وفي نفس الوقت يلتزم الإنحدار العام نحو الشمال،( )
أما التصريف فتتميز المنطقة وخاصة الوسطى منها بنظام التصريف الداخلي المغلق، وتتمثل في مجموعة الخبران والتي تعتبر المصادر الرئيسية لإمداد مدينة الأبيض بالمياه.
الظواهر البيئية : المناخ:
تنقسم المناطق المناخية الى:
المنطقة المنطقة الصحراوية المنطقة شبه الصحراوية المنطقة الجافة المنطقة شبه الجافة
المساحة 17760 كلم2 105899 كلم2 54804 كلم2 42845 كلم2
درجات الحرارة: ترتفع في شهري أبريل ومايو بمعدل مابين 32 ْ- 35ْم، أما أدنى درجة حرارة فهي ما بين 17ْ -12ْم، في شهري ديسمبر ويناير.
الرياح والامطار والرطوبة: تتميز شمال كردفان من حيث المطر بثلاثة أقاليم، (يسقط مطرها في الصيف) وهي : إقليم الجاف في الشمال - شبه الجاف في الوسط - الرطب في الجنوب.
الغطاء النباتي :-
يتمثل في أشجار العائلة السنطية وأشجار الكتر والسيال والهجليج واللعوت والحراز والتبلدي وأهم ما يميز هذه الأشجار تحملها لفترة الجفاف الطويلة التي تمتد إلى 6 شهور.
ثروات إقليم شمال كردفان :
الثروة الزراعية : يعتمد الأقليم على الزراعة المطرية ، واهم المنتجات الصمغ العربي، الفول السوداني، السمسم، الكركدي ويحتل الإقليم مركز الصدارة في إنتاج حب البطيخ، القطن قصير التيلة، الذرة والدخن( ).
الثروة الحيوانية : الإقليم غني بالثروة الحيوانية المختلفة من إبل، أبقار، خيول، ضان، ماعز، إضافة إلى حيوانات الصيد البرية.
السكان : سكان كردفان خليط من الإثنيات والقبائل العربية والزنجية وقد تم تقسيمهم جغرافياً حسب البيئة ونمط الحياة وتخصصاتها المعيشية إلى : ( )
القبائل الكبابيش ، الكواهلة ،الحمر ، الهواوير المسيرية ، الهبانية، الحوازمة، أولاد حميد الجوامعة، البديرية ، الغديات النوبة
التخصص المعيشي آبالة (هم رعاة الأبل) بقارة (رعاة الأبقار) رعي ، زراعة، وتجارة زراعة ، رعي
مصادر مياه مدينة الأبيض القديمة :
كان يعتمد سكان المدينة في بداية نشأتها على مياه الأمطار المتجمعة في البرك والأودية، وعلى ما يحفرونه من آبار على حواف الأخوار ، وقد أجريت عدة دراسات لتنفيذ مشاريع مصادر امداد دائم للمدينة تم منها حتى الآن مشروع مياه حوض بارا الجوفي
الخلفية التاريخية:
أصل اسم كردفان : The Origin of Kordofan’s name
أصل الكلمة يرد في المصادر التاريخية على ثلاث صيغ: كردفال، كوردفان، كردفان، وأشهر الراويات المحلية قاطبة تعود إلى حاكم جبل كردفان الذي كان يدعى ( كردم) أو(الكرد) والذى كان يغضب لأبسط الأسباب فيقاال (الكرد فار) وفار تعني غضب وحُرف الاسم الى كردفال أو كردفان كما تسمى اليوم.( ). والرواية الثانية ترجع الاسم إلى النوبة سكان المنطقة الأصليين فيقال إنها كلمة نوباوية تم تحريفها من الكلمة كلدوفان ( وتعنى أرض الرجال)
تاريخ البحث الآثاري والتاريخي فى المنطقة :
ارتبط تاريخ كردفان بالأحداث التي كتبها المؤرخون لسلطنتي سنار والفونج، والتي تمثلت في الكتابات التي تمت في زمن الاستعمار بواسطة المفتشين الإنجليز والمصريين، فكتب هؤلاء عن الظروف الجغرافية والسكان وعلاقات أهالي كردفان بالحكومات المختلفة، ومن بين تلك الدراسات كتابات الرحالة الأوربي بالمي في أوائل القرن الثامن عشر، وهاورلد ماكمايكل في عام 1912 .
ممالك كردفان: –
مملكة تقلي سلطنة المسبعات مملكة الغديات
قامت في جنوب الإقليم، وجبل تقلي مهد هذه المملكة مساحته 40 ميل. قامت في الشمال وعاصمتها الأبيض، وتقع بين مملكتي الفونج في الشرق والفور في الغرب. من الممالك التي قامت أخيرا (بعد مملكتي تقلي والمسبعات)هم خليط من العرب والنوبا والفونج.
ملخص الباب الأول :
أن الموقع الجغرافي الممتاز للمنطقة هو الذي جعل منها ولاية تاريخية وتجارية في آن واحد فهي تحتل الوسط الهندسي للسودان، كما تقع بين الإقاليم الشبه صحراوية في الشمال، وإقليم السافنا في الجنوب، فأصبحت بذلك ملتقى للطرق القادمة من الإتجاهين ومركز لجذب الرعاة من الشمال والمزارعين من الجنوب، كما كانت تمثل إحدى نهايات الخط الحديدي لغرب السودان، مما جعل منها مركزاً تنصب فيه حاصلات كل مناطق الغرب النقدية ومعظم ثرواتها الحيوانية، كما إن قربها من موارد المياه المتمثلة في مياه الخيران والآبار السطحية ومياه البرك والمستنقعات جعلها كالواحة في الصحراء، مما كان الدافع الأكبر لهجرة الكثير من القبائل إليها، لذا نجدها منذ نشأتها كانت مسرحاً للنزاع بين امارات السودان المختلفة، ومنها نشبت الثورة المهدية ضد الحكم التركي وعمت كل أنحاء البلاد وما زالت أهمية موقعها يزداد كلما تعددت وتنوعت وسائل المواصلات والإتصالات التي تربطها بكل أنحاء البلاد .
تاريخ مدينة الأبيض:
نشأة المدينة : إن المدن لا تنشأ عشوائياً ولكنها تخضع لعوامل طبيعية معينة أهمها الموقع، والموضع بالإضافة الى الخصائص الطبيعة الأخرى من تكوينات جيولوجية ومناخ ونبات ومياه.
موقع مدينة الأبيض : تقع في وسط كردفان بين خطي عرض 13-11ْ ش، وطول 14-30ْ ق، ويبلغ متوسط إرتفاعها 1920 قدماً فوق سطح البحر وتبعد حوالي 470 كلم2 ج .غ الخرطوم، وتقع بين مناخين مختلفين تماما إقليم شبه الصحراوي في الشمال وإقليم السافنا في الجنوب، مما جعلها ملتقى لطرق القوافل القادمة من الاتجاهين ومركزاً يجذب إليه الرعاة من الشمال والمزارعين من الجنوب.
موضع مدينة الأبيض : هو قطعة الأرض التي تقوم عليها المدينة، والموقع الواحد لمنطقة قد يشمل عدداً من المواضع، والموضع الذي تقوم عليه مدينة الأبيض عبارة عن أرض سهلية ذات سطح مستوى مطمور تحت الرمال عدا بعض التلال القليلة الارتفاع شمال شرق المدينة وجنوبها والكثبان الرملية المتحركة في غربها،
أصل اسم مدينة الأبيض: ارتبطت نشأة المدينة الأولى بوجود المياه في ذلك الموضع حتى أن اسم المدينة ارتبط بقصة تتناقلها الأجيال وهي قصة اكتشاف الحمار الأبيض الذي تمتلكه امرأة عجوز تسمى( منفورة)، لمورد ماء وبعدها هاجر سكان القرى المجاورة وكانوا يقولون: (نحن ذاهبون لنسكن في مورد (الحمار اللبيض) وأصبح الاسم السائر بمرور الأيام مع اختلاف التشكيل وفقاً للهجة السكان المحلية.( )
وهناك رواية أخرى ترجع اسم الأبيض إلى المجرى المائي الذي يقع جنوب المدينة والمسمى بالخور الأبيض، إلا أن الرواية الأولى أكثر تناقلاً بين ألسنة المواطنين. ( )
النشأة التاريخية:-
يرجع تاريخها المكتوب الى بداية القرن الخامس عشر الميلادي، وكانت المدينة في بداية نشأتها عبارة عن مجموعة من القرى الصغيرة، وبمرور الزمن ومع ازدهار تجارة القوافل مع الجارة مصر خاصة في عهد مملكة سنار في منتصف القرن الخامس عشر الميلادي، أصبحت أهم ميناء صحراوي جنوب الصحراء، ولعبت دوراً هاماً في تجميع تجارة الجنوب والوسط واستقبال تجارة الشمال بعد عبورها الصحراء في نطاق البحر وما وراءه من موانئ أوروبا.( ) ويمكن اعتبار هذه الفترة هي بداية تاريخ المدينة الحديث، ولذا تم تقسيم مراحل تطور مدينة الأبيض العمراني وفقاً للفترات التاريخية التى خمس فترات رئيسية منذ نشأتها المبكرة إلى وقتنا الحاضر وهي:
المرحلة الأولى المرحلة الثانية المرحلة الثالثة المرحلة الرابعة المرحلة الخامسة
تطور المدينة منذ النشأة في القرن الخامس عشر وإلى الفترة ما قبل الحكم التركي 1821م تطور المدينة في العمران أثناء الحكم الثنائي 1821 -1885م أثناء فترة المهدية 1885-1899م أثناء فترة الحكم الثنائي 1899- 1956 تطور المدينة في العمران منذ الاستقلال 1956
تاريخ المدينة القديمة الإجتماعي:-
لا يعرف بالتحديد متى بدأ تاريخ مدينة الأبيض القديمة الإجتماعي ربما كان قبل (منفورة) وتجمع القرى الصغيرة حولها، وربما دل تاريخ المدينة غير المدروس الى تحديد هوية تاريخية موحلة في القدم.
تركيب النسيج الإجتماعي للمدينة :-
تكون النسيج الإجتماعي للمدينة من اختلاط العديد من القبائل المحلية بالقبائل العربية الوافدة (تم ذكرها سابقاً) ، ثم شهد مجتمع المدينة في القرن التاسع عشر خلال العهد التركي وجود عدد كبير من الجاليات الأجنبية ومنها:-
الأغاريق - الشوام – الأقباط - .الهنود- الأرمن – اليهود.
التاريخ السياسي للمدينة :
شاب الغموض الكثير من تاريخ المدينة السياسي، ولكن كسائر أجزاء السودان إعتمدت المدينة على الإدارة الأهلية في تسوية شئونها، وربما كان لزعماء القبائل والعمد الأثر الكبير في ذلك، وربما قد نجح الإداريون البريطانيون بصورة غير مباشرة في تحويل التشتت القبلي المتباين بين القبائل الى نظارات إقليمية كبيرة تستمد سلطانها ووظائفها من النظام الإستعماري وذلك من أجل توطيد نظامهم الإستعماري، وفي نهاية عهد الدولة المهدية 2/9/1898م، تمت إعادة شيوخ القبائل الى مناصبهم التي كانوا فيها قبل المهدية، وذلك لمعاونة موظفي الحكومة في تحصيل الضرائب وحفظ الأمن والنظام، ومن هنا جاء دمج القرى في وحدات إدارية أكبر عرفت باسم العموديات وكان يرأسها كبار الشيوخ، ويسمى الواحد منهم عمدة والذي بدوره يعمل للتنسيق مع مأمور المنطقة وشيوخ القبائل لإنفاذ المهام الرسمية، أما عن رؤوس القبائل الكبيرة، فقد تم تثبيتهم وسموا نظاراً حيث كان على رأس ( خشم بيت) عمدة كذلك عمل شيوخ القرى كموظفين تابعين للنظار والعمد، ومساعدين في تحصيل الضرائب وفي الحفاظ على القانون والنظام. ( )
أحياء المدينة وتوزيعها وتسميتها وسكانها:-
سكان المدينة : معظم سكان المدينة ينتمون الى أصول عربية (60% منهم)، أما الباقون فمن أصول مختلفة.
الأحياء القديمة في المدينة : قسمت مدينة الأبيض الى أرباع، (الأرباع في مجملها أربعة) ولكن أحياء الأبيض قسمت الى خمس أرباع ومفردها ربع (بكسر الراء) (وتعني المنطقة المحتكرة لقبيلة أو مجموعة معينة).
الأحياء الشرقية للمدينة: الأحياء الغربية للمدينة
تشمل الربع الأول ، الربع الثاني ، المنطقة الصناعية القديمة، سوق أبو جهل ، سوق الصمغ العربي والحبوب، منازل السكة الحديد الحكومية، حي المديرية كذلك حي فلاته الذي يقع شمال المدينة تعتبر الأحياء الغربية للمدينة من الأحياء المكتظة بالسكان، وتحوى (الربع الثالث ، الربع الرابع والربع الخامس)
أسواق المدينة :
بدأ إزدهار الحركة التجارية عام1870م، كان السوق القديم يضم أهم العناصر الإجتماعية والإقتصادية، ولكل سلعة مكان معين في السوق فالجزء الأمامي مخصص لبيع الحبوب كالدخن والذرة الرفيعة بأنواعها، يليه سوق الجلابة (*)ويجاوره سوق الماشية ، سوق السقايين، ثم سوق النسوة، يجاوره سوق الحطب ، وخصص جزء منه لبيع أمتعة الأجانب المغادرين للمدينة أو المتوفين تحت إشراف قناصلهم، تقع بالقرب منه مخازن السوق، وفي الجهة اليمنى منه يوجد مقهى تمتلكه الحكومة (المقهى الوحيد في المدينة بل في كل إقليم غرب السودان)
تمثلت صادرات السوق في: الصمغ العربي ، سن الفيل ، الجلود ، ريش النعام ، شمع العسل ، الإبل والتمر هندي، الى أسيوط التي شهدت في تلك الفترة أعظم فترات ازدهارها التجارى، بينما تمثلت الواردات فى: السكر، الصابون، التبغ، الشيلان، السجاجيد، عقود المرجان الحقيقي (المصنعة في مدينة البندقية)، أساور وخواتيم الفضة، الأقمشة القطنية والحريرية، ورق الكتابة، الروائح العطرية والأواني الفخارية.
وقد كانت العملة المتداولة في ذلك الوقت الريال الاسباني، إلا أن المعاملات في الأبيض ومدن غرب السودان، كانت تتم عن طريق المقايضة بالدمور والذرة، أما الصفقات الكبيرة فكانت تتم المقايضة فيها بالأبقار. ( )
لاحقاً تم تخطيط الأسواق وتفسيمها وتطورها كالاتي :-
السوق الكبير سوق أبوجهل سوق الماشية سوق المحصول (البورصة) المنطقة الصناعية سوق ودعكيفة سوق أبوشرا
بدأ النشاط التجاري فيه منذ عام 1870م، ويقع وسط المدينة يقع شرق سوق المدينة الكبير، ويسمى حالياً (سوق بن مسعود) موقعه الحالي في الجهة الجنوبية من المدينة بدأ لأول مرة عام1907م عندما أصبح الصمغ العربي سلعة مرغوبة للشركات. بدأت في الثلاثينات وكانت جراجات للحدادة وميكانيكا السيارات في أحياء المدينة المختلفة. كانت بداية تأسيسه عام 1944م، ويطلق عليه ايضاً السوق الغربي لموقعه غرب المدينه يقع جنوب المدينة يرجع تاريخ تأسسه للخمسينات
تاريخ الحركة العلمية والثقافية في المدينة:
بداية التعليم في مدينة الأبيض ومرا حله: لا يعرف على وجه التحديد كيف تعاملت الثقافات القديمة التي كانت تعيش في المدينة كتابياً لاسيما انه لم تتم الدراسة فيها، ولكن ربما تم التعامل برسومات لها مدلولات معينة مثل التي وجدت في منطقة جنوب كردفان (الدلنج) وهي عبارة عن نقوش ورسومات صخرية (drawing-rock) نحتت بطريقة معينة واستنتج العلماء إن تلك الطريقة لها مدلولات محددة، أما المعاملات التجارية فربما قد تعاملوا بنظام المقايضة والذي كان سائداً في المدينة حتى فترة التركية الأولى أو السابقة، أما بداية التعليم فقد بدأ بالخلاوي وكان ذلك في وقت باكر جدا كما ذكر يوسف مخائيل مذكرته، وكانت تتم الدراسة في مرحلتين :
المرحلة الاولى : الخلوة : وفيها يتعلم التلميذ بعض مبادئ الدين ما بين سن الخامسة والثامنة أو العاشرة ( لم تكن هناك سن معينة يبدأ عندها قبول الأطفال)
المرحلة الثانية : المسجد : ينتقل التلميذ إليها في سن تتراوح ما بين الثانية عشر والرابعة عشر لدراسة علوم اللغة والدين والفقه والتوحيد والحديث واللغة العربية وعلوم القران والتصوف وحركة التأليف وعلم البيان وغيره. وكان الطالب يمكث فيها ما شاء لأنه لم يكن هنالك ثمة امتحان للنقل، وإنما يراعى في ذلك ميولهم وقدراتهم الإدراكية، وبعد إن يأنس في نفسه استيعاب مادة أو أكثر عندها يجاز من قبل شيخه ويعطي الإجازة (الشهادة) التي تمكنه من أهليته للتدريس ( ).
أما بداية التعليم النظامي كان من قبل الانجليز حيث أنشأوا كُتاب الأبيض شرق وكُتاب القبة ومدرسة بنات القبة، بعدها بدأت مرحلة جديدة في1929م وهي مرحلة التعليم الابتدائي بالمدرسة الأميرية، وهي أول مدرسة بالمديرية والوحيدة بكل مديريات كردفان ودارفور والنيل الأبيض، ثم إتجه الأهالي إلى أنشاء المدارس الأهلية، وفي عام 1939م أقامت الجالية السورية مدرسة خاصة لأبنائهم داخل الكنيسة، وعليه انفتح الباب على مصراعيه أمام مدارس النهضة المعروفة حتى الآن، ثم أنشأت حركة الخريجين مدرسة المؤتمر الوسطى، ومن المدارس الأهلية الرائدة والتي استمرت حتى اليوم، مدرسة شنتوت الأولية ومدرسة كمبوني التي تم تأسيسها باسم دانيال كمبوني بعد أن أخذ الإذن من الكنيسة الكاثوليكية( ). وبعد الاستقلال إزدهر التعليم في مدينة الأبيض وأنشئت العديد من المدارس التي كانت في قائمة المدارس المتفوقة على نطاق السودان مثل مدرسة خور طقت والتي بدأت في مدرسة حنتوب 1948م ثم انتقلت إلى مدينة الأبيض عام 1951م . وحالياً توسع التعليم واصبح يشمل المستقر في المدن والقرى ثم تعليم الرحل ثم التعليم الثانوي بشقيه الأكاديمي والفني، أما في مجال التعليم العالي تضم الولاية ثلاث جامعات وهي: جامعة غرب كردفان (بالنهود) جامعة القرأن الكريم (بالابيض)، وجامعة كردفان أول جامعة تم افتتاحها بولاية شمال كردفان بمدينة الأبيض في عام 1992م، وبالإضافة الى الكليات الخاصة : مثل الكلية التقنية ومراكز التدريب الفني في خور طقت ومركز دمبسكو بالأبيض، أضافة الى معاهد التعليم الديني العلمي واشهرها معهد خرسي (قرية خرسي)، المعهد العلمي الأهلي- الأبيض (أبو سيل) ، معهد تكرور الديني (الرهد) ، ومعهد الزريبة (بقرية الزريبة)( )
أيضا اشتهرت مدينة الأبيض القديمة بمكتبتها الذاخرة بمجموعات كبيرة من مصادر المعرفة الثقافية العامة، كما تعتبر دار كردفان للطباعة والنشر من الأماكن الثقافية الهامة بالمدينة والتي يرتادها كبار المفكرين وزوار المدينة الرسميين لمكانتها الثقافية، وتم تأسيسها على يد الأستاذ الفاتح النور في عام 1944م والتي أصدرت أول جريدة اقليمية خارج العاصمة وهي جريدة كردفان في عام1945م ،وأممت في عام 1970م.( )
ملخص الباب الثاني:
تقسيم مدينة الأبيض :- تمتاز المدينة بأن معظم مناطقها تسيطر عليها وظيفة معينة إذ تشغل المناطق السكنية أكبر نسبة من مساحة الأرض إذا قورنت بالمناطق الوظيفية الأخرى، ولكنها تنفرد بمناطق تجارية هامه تتوسط المناطق الوظيفية، وقد تم ذلك في أول تخطيط أو تقسيم لهذه المناطق كالاتى:
المناطق السكنية: تقع المناطق السكنية من الدرجة الأولى في منطقة الأبيض الجديدة، الواقعة بين محطة السكة حديد والميدان الكبير وإلى الشمال من المنطقة العسكرية غرب الخط الحديدي، وتمتاز هذه المباني بمساحتها الواسعة وتخطيطها الحديث في الميادين والشوارع المرصوفة، ووفرة الخدمات من المياه والكهرباء والتسهيلات الأخرى، وقامت حديثاً منطقة مخططه كمنازل من الدرجة الأولى أيضا شرق الخط الحديدي، إلى الجنوب من حي البترول، بالإضافة الى المنازل الحكومية لكبار موظفي الدولة جنوب المدينة، أما مناطق الدرجة الثانية فمعظمها منازل لموظفي الحكومة، وتقع بالقرب من الميدان الكبير وشرق وجنوب منطقة السوق الرئيسي وهي أقل من مستوى مباني الدرجة الأولى، وأما منازل الدرجة الثالثة تشمل أكثر من 70% من مساحة المربعات السكنية.
المناطق التجارية أكبرها السوق الكبير الرئيسي بوسط المدينة، بالقرب من السكة حديد وشماله سوق الصمغ العربي، أهم وأقدم الأسواق في كردفان، يشتمل على المحلات التجارية، البنوك فروع الشركات التجارية ،ومكاتب لوكلاء الترحيلات والشحن، وعدد كبير من المطاعم والمقاهي والمحلات التجارية الأخرى، الى جانب مواقف السيارات الكبيرة ومحطات التزود بالوقود وايضاً يضم سينما كردفان التي تأسست عام 1936م وسينما عروس الرمال عام 1955، ومطبعة كردفان1944م، ونسبة لتوسع المدينة في السنوات الأخيرة في الاتجاهات المختلفة، ونظرا لبعد الأحياء والمناطق السكنية من دائرة السوق الرئيسي فقد أنشئت عدد من الأسواق المحلية الصغيرة في بعض الأحياء.
المناطق الإدارية:- تشمل هذه المناطق: رئاسة الولاية، وفروع الوزارات والمصالح الحكومية في المدينة، والتي تقع في جهات مختلفة، إحداهما في جنوب المدينة وتشمل مباني إدارة الولاية ومصلحة الأشغال، والأخرى تجاور السوق الرئيسي، وتضم رئاسة شرطة الولاية ومجمع المحاكم والمجلس البلدي (المجلس التشريعي حالياً) ومباني البريد والبرق ومصلحة الغابات وبعض فروع المصالح الأخرى، وقد أنشأت حديثاً منطقة صغيرة تشمل رئاسة مصلحة السجون ومكاتب لوزارة الإرشاد والشئون الاجتماعية بين المنطقتين السابقتين .
المنطقة العسكرية تشغل أهم أجزاء المدينة وتمتد في منطقة واسعة من الخط الحديدي شرقا الى رئاسة المديرية ومنازل الموظفين غرباً، بينما يحدها مطار المدينة جنوبا، كما يمتد جزء منها شرق الخط الحديدي. تشمل هذه المنطقة رئاسة القيادة الوسطى لتدريب المستجدين في الوسط ، ثم مساكن العائلات من الجنود في الجنوب.
المنطقة الصناعية : تقع شمال شرق المدينة، وتقع الى غربها مستودعات البترول، ومعظم الصناعات مرتبطة بالإنتاج الزراعي المحلي للمديرية، وهي صناعات خفيفة، كانت في الماضي وحتى عام أوائل الثمانينات تشمتل على سبعة مصانع لعصر الزيت السمسم والفول السوداني، ومصنعين لإنتاج الصابون وسبعة مصانع لتقشير الفول السوداني، و(22) مطحنة وورشة لطحن الذرة بالإضافة إلى ورش العربات وصيانتها وهي من الأعمال الهامة في هذه المنطقة أما الأن فقد ازداد عددها بصورة أكبر وتعددت انواع المصانع .
مناطق الخدمات والترفيه: بالنسبة للمناطق التعليمية تتركز معظم المدارس في المربعات السكنية القديمة والى الغرب من المنطقة الصناعية في شمال المدينة وأكبرها وأشهرها مدرسة "خور طقت " (حالياً جامعة كردفان). كما يوجد اثنان من المستشفيات تقع إلى الشرق من السوق الرئيسي وغرب الخط الحديدي، وهما المستشفى الرئيسي في المدينة، والمستشفى العسكري داخل المنطقة العسكرية، والثالث جنوب المدينة وهو مستشفى الشرطة، وتتوزع في أنحاء المدينة سبعة مراكز صحية كبيرة و6 مراكز صحية صغيرة إلى جانب وجود مدرسة لتخريج القابلات وهي أول مدرسة والوحيدة في غرب السودان. كما يوجد بالمدينة عدد من الجوامع والزوايا الدينية الصغيرة موزعة على الأحياء السكنية، ومن أهمها الجامع الكبير في وسط السوق الرئيسي وفي حي القبة، كما توجد (5) كنائس في المدينة للسكان المسيحيين (أصبحت الآن كنيستين رئيسيتين). ومن مناطق الترفيه توجد اثنتان من الدور في داخل منطقة السوق، بالإضافة إلى (9) حدائق مخصصة كمنتزهات أهمها حديقة 21 أكتوبر والبلدية والخريجين وحي القبة . وهناك الميدان الكبير الذي تقام فيه الإحتفالات القومية والدينية " ساحة النصر" . كما يشغل الملعب الرياضي الرئيسي (الإستاد) الجزء الجنوبي الغربي من ميدان ساحة النصر.
وتتميز المدينة بوجود أندية للجاليات الأجنبية وخاصة في شرق المدينة، وعدد من الأندية الرياضية والإجتماعية والثقافية في الأحياء المختلفة، هذا بالإضافة الى وجود منطقة (الإندايات) "منطقة شرب الخمور البلدية" حيث تقع الى الشمال من حلة فلاته" (أصبحت الآن غير موجودة"). بالإضافة الى ذلك هناك منطقة مستودعات البترول الى الشرق من المنطقة الصناعية، وأصبحت تجاور المنطقة السكنية الجديدة.
منطقة السكة حديد تم توضيحها ضمن المناطق الأثرية بالباب الثالث.
مناطق أخرى : هي مناطق الخيران التي تمتلي بالمياه في شهور الأمطار، بينما تجف في بقية شهور السنة، وبها 62 بئرا يستخدم بعضها للحصول على مياه لشرب الماشية وتزويد العربات التجارية، كما يشمل الجزء الشمالي منها لصنع الطوب الأخضر. هذا بالإضافة الى خمس من الفولات الكبيرة (أو الحفير) ، أهمها فولة الجنزارة والمديرية، وخزان الأشغال وكلها تمتد من الشمال الى الجنوب، كما توجد مناطق مخصصة لأغراض مختلفة كميدان لسباق الخيل في جنوب شرق المدينة، إلى الشرق من الخط الحديدي.
بالإضافة الى المناطق الخالية من العمران حيث تسيطر الطبيعة الرملية وبعض الأشجار والشجيرات (جنوب المدينة) على تلك المنطقة.
تاريخ المدينة الديني:
المسيحي : الكنائس:
كانت بمدينة الأبيض خمس كنائس، ثلاث مسيحية والكنيس اليهودي (شرق الكنيسة القبطية في منطقة السوق) ودير تابع لها في جنوب المدينة، وكنيس آخر في الربع الثاني يخص جالية الأغاريق والأرمن وانتهى هذا الكنيس في الستينات (تتبع له مدرسة استير)( ) ولكن أشهرها وأقدمها
الكنيسة الشرقية، والتي تعرف بكنيسة الأقباط الأرثوذكس، وهي :
الكنيسة الأرثوذكسية في الأبيض: الكنيسة اليونانية الإنجيلية بالأبيض الكنيس اليهودي
يعود تاريخها لفترات مبكرة عندما أرسل البطريرك بطرس الجاولي عام 1809م الى 1857م بعض القساوسة إلى الخرطوم والأبيض وبعض المراكز في السودان الشمالي وذلك في عهد محمد علي باشا.( )
وتم بناءها كبقية المباني القديمة بالطين والخشب، ومن ثم تم إعادة بناءها لاحقا في عام 1912م،
أسسها دانيال كمبوني عام 1865م شمال المدينة (منطقة موقف النهود الحالي) ( ) ، وفي عهد المهدية تم تدمير الكنيسة وأسر القساوسة والراهبات، وبعدها أصبحوا يؤدون شعائرهم وصلواتهم في كنيسة الأقباط الأرثوذكس، واستمر هذا الحال حتى عام 1960 حيث بدأ الشروع في بناء الكنيسة بشكلها الحالي في شرق المدينة، وقد انتهى العمل بها 1963م. وهي كاتدراتية ضخمة وتعتبر الأولى من نوعها في أفريقيا. يقع وسط السوق الكبير شرق الكنيسة القبطية ويستعمل حالياً كدار لسكن الطلاب وبعض القساوسة المسيحيين. أما دير اليهود فموقعه جنوب المدينة بالقرب من مدارس كمبوني. ومن روايات أهل المدينة أن الكنيس كانت تؤدى فيه الشعائر الدينية بمواظبة وانتظام ويؤمه عدد كبير من اليهود.
الإسلامي: الخلاوي :
مفردها خلوة وجمعها خلوات أو خلاوي وهي في مصطلح الصوفية الاعتكاف واعتزال الناس، أول خلوة عرفت في كردفان في العهد الباكر لدخول الإسلام هي خلوة "القفلة" شرق بارا ومنها انطلقت شرارة التعليم الديني في كل أنحاء كردفان. وقد شهدت مدينة الأبيض قيام العديد من الخلاوي التي لعبت أدوارا متقدمة في نشر الثقافة الإسلامية وتعج المدينة بالكثير من الخلاوي وهي:
1) خلوة القبة: ( ) أسسها العارف بالله الشيخ إسماعيل الولي بحي القبة شرق للعام 1802م .
2) خلوة تقي( ) : تأسست قبل الجامع في عام 1888م ، مؤسسها الشيخ ود أابو صفية .
3) خلوة الجامع الكبير(العتيق)( ) : تأسست عام 1906م
4) خلوة الشيخ سوار الدهب:-( ): الشيخ ساتي حمد في عام 1777م
5) خلوة العالم :- ( ) : أسسها العارف بالله الشيخ عبد الباقي أبو
6) خلوة الشويحات ( ):أسسها الشيخ الجليل الضوء عبدالحميد
7) خلوة الفكي السنوسي: أسسها الشيخ الفكي السنوسي
8) خلوة الفكي زين العابدين : أسسها الفكي زين العابدين في بداية الثلاثينات
9) خلوة الفكي محمد : اسسها الفكي محمد في بداية العشرينات
10) خلوة حاج جقود: أسسها الشيخ جقود في عام 1948م
11) خلاوي الشيخ المكاشفي : مؤسسها الشيخ أحمد صالح الهواري بالمدينة في عام 1953م
12) خلاوي فلاته ( ) : تضم عدد من الخلاوي
المساجد :
المسجد هو الموضع الذي يسجد فيه، وهو المدرسة الإسلامية الأولى فكان المسلمون يجتمعون فيه للمشورة وتبادل الرأي في شئونهم الهامة، ويتلقون فيه العلوم المختلفة في حلقات يحتدم فيها النقاش والجدل، والمساجد العتيقة بالمدينة
المسجد مسجد القبة المسجد الكبير مسجد العالم مسجدالشويحات مسجد تقي مسجد الهواري
تأسيسه شيده الولي إسماعيل 1802م شيد في عام 1907م ( ) أسسه العالم عبد الباقي أبو يعود لفترات قبل قيام الثورة المهدية،( ) أسسه الشيخ محمد تقي أحمد1903( ) أسسه الشيخ صالح الهواري عام 1986م
القباب والأضرحة بالمدينة :
القباب هي أحد رموز الإسلام في السودان ولها مدلولها المعماري، وكلمة قبة تعني الجزء العلوي المستدير، حيث أطلق الجزء على الكل، تعددت القباب بالمدينة وتنوعت في عمارتها وتبعيتها الصوفية وشملت القباب القديمة بالمدينة الأتي:
قبة الشيخ إسماعيل الولي مخروطية الشكل شيدها الشيخ محمد المكي بن الشيخ إسماعيل الولي كقبر لأبيه في حوالي عام 1860م
قبة الشيخ عربي مكاوي عبارة عن حجرة مربعة تقع شرق خور القبة، شيدها احفاده
قبة ود أبي صفية 1180م عبارة عن حجرة مربعة الشكل غير معروشه تقع جنوب المدينة في مقابر ود ابو صفية التي سميت باسمه .
قبة الفكي كنتيش تقع بمقابر ود أبي صفية وهي حجرة مربعة ومخروطية من اعلى
قبة سوار الدهب تقع القبة داخل حرم مسجده بالجزء الجنوبي منه، وهي عبارة عن حجرة مربعة .
قبة الشريف عبد الله عوض الجيد تقع شمال المدينة (بحي الشريف حالياً) منذ عهد المهدية ، تم بناؤها والمسجد على النمط المعماري الحديث1997م
بيان يوسف أبو شر وموقعه جنوب غرب المدينة وهو عبارة عن هيكل من الحديد مغطى بالقماش الأخضر
ضريح ود أرو يقع في وسط السوق الكبير
ضريح العالم عبد الباقي أبو يقع داخل حرم مسجده بالجهة الشماليه
ضريح الشيخ أحمد صالح الهواري يقع شمال المدينة بحي فلسطين بحرم المسجد
ضريح الشيخ الحاج أحمد الثوري يقع شمال سوق ود عكيفة ، وقد شيد على نفقة حفيده
الطرق الصوفية:
الصوفية عالم آخر (كما يسميها أهلها) وهى من الصفاء الروحي والزهد والورع والتقوى، وقد عرف أهل المدينة الطرق الصوفية منذ أزمان سحيقة ، وأنتموا إليها كوسيلة تقربهم الى الله
الطريقة الاسماعيلية التجانية البرهانية
الدسوقية الختمية الأحمدية
البدوية القادرية المكاشفية السمانية الادريسية
الأحمدية الأحمدية السطوحية
مؤسسها السيدإسماعيل الولي في رمضان 1821م، وهي الوحيدة سودانية المنشأ العالم عبدالباقي أبو عام 1315ه الشيخ ابراهيم الدسوقي 1960 الخليفة صالح سوار الدهب1240ه الشيخ علي إبراهيم 1930
أحمد صالح الهواري في1953 الشيخ عبدالرحيم البرعي الشيخ بيومي في الثلاثينات الشيخ حسن الحاج
المعالم الآثارية في مدينة الأبيض:-
المعلم الأثري الإحداثيات الوصف
السجن : The Prison N 13 01. 088 E 030 14. 191 كان مبنى ضخم من الجالوص منذ عهد التركية ، موقعه جنوب السوق الكبير وتم ترحيله الى شمال المدينة عام 1950
متحف شيكان: Shikan Museum N 13 01 079
E 030 15 110
تأسس عام 1960 وافتتح رسمياً عام 1965 ويحتوي على صالتين للعرض وأضيفت اخرى كمعرض دائم لتراث المدينة ويقع (ج.ق المدينة)
السكة حديد : The Rail way
N 13 10. 63
E 030 13. 696
وصل خط السكة حديد الى المدينة في 1911م كانت منطقة السكة حديد قبل 40 عاماً تقريباً تمثل الحدود الشرقية للمدينة
البوستة :
The Post N 13 04 960
E 030 15 121 بدأ العمل بها في القرن القاسع عشر داخل مبنى المديرية وكان ينقل بواسطة الدواب وعرف عمال البريد بالهجانة، ثم انتقل الى موقعه الحالي عام 1956م
المديرية : The County N 13 08 10 E 032 34 429 تقع المديرية جنوب شرق المدينة وسط المنطقة الإدارية، (وزارة المالية حالياً) بنيت في القرن السابع عشر، لعبت دور هام في فترة المهدية كحصن للمدينة، وتعتبر المعلم الأثري والتاريخي الهام.
المواقع الآثارية حول مدينة الأبيض :
الموقع الأثري الإحداثيات الوصف
جبل الهشابة
N 13 57 493
E 030 08 733
يقع جنوب المدينة ويبلغ ارتفاعه حوالى 16م ويتكون من حجارة الجرانيت السوداء والحمراء، وبقمته الشمالية توجد أكوام حجرية قليلة الإرتفاع ودائرية ربما كانت إشارة الى مقابر ما بعد مروي ولن يتم البت في الأمر إلا بعد إجراء الأعمال الآثارية (المسح الكامل) في المنطقة.
الموقع أسفل الجبل 1. E 030 08. 750
N 12 57. 527
عبارة عن تله تقع في الجهة الشمالية للجبل، احتوت على بعض قطع الفخار والتي ربما يعود تاريخها إلى فترة ما بعد مروي Post-mrotic الجدير بالذكر أن الموقع كبير وممتد ويحتاج إلى الدراسة العلمية والميدانية
موقع المُلبس ELMulbas Site N 13 11. 071
E 030 13 180
الموقع كبير وممتد لأكثر من2 كيلو تقريباً، ( بين جبلي الملبس)، أسفل الجبل مباشرة توجد إشارة لبعض المقابر بعضها باتجاه ش/ ج وأخرى باتجاه ق/غ ، وتنتشر فيه قطع الفخار بكثرة وجميع الإشارات تدل إلى أن الموقع ربما يعود إلى فترتي العصر الحجري، والإسلامي المبكرة early Islamic أيضا تم العثور على بعض الأدوات الحجرية
الطبقة الفخـــــــــــــــار الألوان الأدواتالحجرية
مزخرف غيرمزخرف حافة بدن قاعدة مقبض أسود بني أحمر
السطحية 8 1 2 - - - 2 6 - 3
جدول يوضح الفخار والادوات الحجرية بموقع الملبس
المواقع الآثارية والتاريخية في شيكان :
شيكان أسم مشتق من الوادي الشائك الذي يكثر به نبات الشوكة وتقع شرق قرية كازقيل حوالي 40 كيلو متراً جنوب الأبيض( )
الموقع الأثري الإحداثيات الوصف
فولة المصارين N 12 43 038
E 30 12 025 هي فولة طبيعية عميقة، ومحاطة بأشجار القمبيل "الإنضرابة" ،وقد تم فيها عمل كمين لجيوش هكس باشا وتم إبادتهم عن أخرهم حتى تحول لون الماء الى اللون الأحمر من كثرة الدم.
مصلى المهدي N 12 43 044
E 030 12 037
الموقع كان يستخدمه المهدي للصلاة وإمامة الجيش، وبالقرب منه وفي اتجاه الغرب تقع مقابر الصحابة كما يطلق عليها الأهالي ، وهي مقابر لقادة المهدية الذين استشهدوا في معركة شيكان.
مقبرة جنود هكس باشا N 12 45 221
E 030 12 338
تبعد حوالي 5 كيلو من مصلى المهدي وتحتوي على عدد من المقابر لقادة حملة هكس باشا ،
شاهد مقتل هكس باشا N 12 45 429
E 030 12 228
يبعد حوالي 500م تقريباً من مقبرة جيوش هكس باشا ، ويحتوي على شجرة تبلدي وتسمى ( بتبلدية البروجي) ونصبين من الحجارة :-
الأول : هو الموقع الذي سقط فيه هكس من أعلى شجرة التبلدي التي احتمى بها بعد طعنه بواسطة أحمد البدوي عبد الله الشويحي وكان عمره سبعة عشر عاماً .( )
والثاني: هو الموقع الذي توفي فيه هكس باشا .
بوابة شيكان N 12 45 496
E 030 12 165
شيدت عام 1983م في عهد الرئيس نميري بواسطة حاكم الإقليم الفاتح بشارة ، وهي عبارة عن بداية حدود معركة شيكان التاريخية. ) )
الدراسة التحليلية:
تعتبر الدراسات الآثارية هي الأكثر تأكيدا وتوثيقا لكثير من العلوم الأجتماعية، وهذا ما يمكن أن ينطبق على إقليم كردفان وبالأخص شماله، وذلك من خلال المواقع الآثارية والمعثورات التي تم إكتشافها في بعض أجزائها وبالصدفة أثناء الدراسة العملية لهذا البحث، ولكن لا يمكننا إثبات ذلك بدون إجراء الأعمال الآثارية الكاملة وبناء على النقص التام لجأت الباحثة إلى علم النظريات والإفتراض العلمي الذي يقوم على منهج التماثل في فهم بعض المواقع وربطها بمثيلاتها زمنياً ومكانياً (قيام ونشوء المدن التاريخية الآثارية).
تعتقد الباحثة أن المدينة حسب ما ذكر سابقاً، وحسب النظريات الانثروبلوجية قد بدأت بالرابطة Band ثم التفلق Segmentary أوكما يسميها الآنثروبلوجيون القبيلة Tribes، ثم المشيخة (Chiefdom) ثم ما قبل الدولة Prestate، فالدولة State والمراحل السابقة تعتبر التدرج الطبيعي لقيام المجتمعات وهذا ما توفر في مدينة الأبيض لاسيما بوجود عاملين أساسيين إرتبطا إرتباطاً مباشراً بتقدم المدينة من مرحلة لأخرى وهما الإقتصاد والمجتمع. ( )
وحسب ما يرى العلماء والفلاسفة وبعض الكتاب الكلاسيكيون أن هناك أسباب واضحة ومختلفة تبين قيام المدن، وتؤدى الى تكوينها حيث وضعوا عدة نظريات منها :-
النظريات الطوعية Voluntaristis Theorys : وهي ترى أن المدينة نشأت طوعياً بإتحاد مجموعة من البشر مع بعضهم البعض مما أدى الى توحيد مجتمعاتهم الصغيرة الى وحدات سياسية كبرى ، ومن تلك النظريات:-
نظرية العقد الاجتماعي ( )نظرية النمو السكانى : ( ) نظرية الري ( )
النظريات القهرية : وتعني أن الدولة قد قامت بالقوة ، نتيجة للحروب التي أدت الى اتحادها في مجموعات كبيرة وبالتالي أدت الى ظهور المدينة . نظرية الحد البيئي:( ) :
بناء على كل ما ذكر يمكننا أن نفترض بأن هنالك العديد من العوامل التي تؤدي الى قيام المدن ( النظريات المذكورة سابقاً) وكذلك مواقع المدن ( وهو ما توفر في مدينة الأبيض ) حيث أن الموقع نعني به: -
(أ) الموقع (Location) : ويعنى به أثر المناخ على المواقع (التعريف الداخلي).
(ب) الموقع (Site): ويعني الموقع ذو الوظيفة المعنية كالمدن الصناعية (وهو المصطلح المستخدم للعمل الآثاري)
(ج) الموقع (Situation): ويعنى التعريف الجغرافي والعوامل البيئية، وبالتالي فهو يشمل كل التطورات التي تجرى للمواقع (خاصة وأن الموقع يتأثر بقيمة المكان فإن ازدادت قيمة المكان كان الموقع استراتيجياً).
النتائج:
هنالك الكثير من النتائج التي تحصلنا عليها من خلال هذه الدراسة ويمكن إجمالها في الآتي :
- وجود تسلسل إستيطاني في منطقة شمال كردفان منذ فترة العصور الحجرية وحتى الفترة الإسلامية وذلك من خلال التصنيف المبدئي للمخلفات المادية الموجودة على السطح وهذا ما يجب اثباته بواسطة الكشف الاثاري.
- نسبة لكتابات الرحالة والمؤرخين عن مدينة الأبيض فإن الفترات التاريخية أكثراثباتاً من الفترات الأثارية الأخرى خاصة منذ القرن الخامس عشر .
- الشكل الرئيسي للمواقع الأثرية يشبه جميع مواقع الآثار المختلفة في السودان، وتكثر على سطحها اللقي الأثرية مثل الفخار والأدوات الحجرية.
التوصيات :
1- الإهتمام المركزي والولائي بشأن الآثار والعمل الآثاري
2- فتح مجال العمل الآثاري في الولاية
3- إنشاء مكتب للآثار يتبع للهيئة القومية للآثار والمتاحف ودعمه وتدريب كوادره وإستيعاب أبناء الولاية به أو مجلس أعلى لأبحاث الآثار يتبع لوزارة التعليم العالي والبحث العلمي.
4- الإهتمام بالمتحف وذلك بتوفير مستلزمات العرض العلمي والتوثيق والتحليل .
5- نشر الوعي الآثاري لدى المواطنيين من خلال الوسائط الإعلامية المختلفة .
6- منح الأولوية في هذا المجال للجامعات السودانية وفرق البحث العلمي الوطنية والاستعانة بالكفاءات الاجنبية.
7- الدعم المادي والمعنوي للآثاريين.
المراجع :
1. الأب فانتيني تاريخ المسيحية في الممالك النوبية القديمة والسودان الحديث- الخرطوم 1978
2. أحمد سيد أحمد تاريخ مدينة الخرطوم تحت الحكم المصري ،1810 -1885 م ، الهيئة المصرية العامة للكتاب ، 2000م .
3. أحمد شلبي مقارنة الأديان، اليهودية، مكتبة النهضة المصرية ، طبعة رابعة ، 1874.
4. إندري ستيانسن ،
ومايكل كيفان غزو كردفان ، مركز الدراسات السودانية ، القاهرة ، 2003م
5. حسن عبد الوهاب - مفتش الآثار المصرية تاريخ المساجد الأثرية التي صلى فيها فريضة الجمعة صاحب الجلالة الملك الصالح فاروق الأول ، الجزء الأول، مطبعة دار الكتب المصرية، 1946.
6. خلف الله محمد الحسن اليهودية بين المسيحية والإسلام، المؤسسة المصرية العامة للتأليف والترجمة والطباعة والنشر، يونيه1964م
7. زكي شنودة المحامي موسوعة الأقباط (الجزء الرابع) ،الطبعة الأولى ، القاهرة، 1966م
8. شارلس جنيبر المسيحية نشأتها وتطورها ترجمة د.عبدالحليم محمود "شيخ الإسلام" بدون تاريخ.
9. صلاح عمر الصادق دراسات سودانية في الآثار والفلكلور والتاريخ، دارعزة للنشر والتوزيع،الخرطوم ،2006 م
10. صلاح محمد أحمد الجالية اليهودية في السودان، مركز الراصد للدراسات، الخرطوم، 2004م
11. الطيب محمد الطيب المسيد ، دار عزة للنشر والتوزيع ، الخرطوم ، 2005م.
12. عباس الطاهر أحمد ملامح من مدينة الأبيض، ،شركة مطابع السودان للعملة المحدودة ،2004م.
13. عبد القادر الخليفة خوجلي مدينة الأبيض والتاريخ، دار كردفان للطباعة والنشر،2003م.
14. عبد القادر سالم الغناء والموسيقى التقليدية بإقليم كردفان، طبعة أولى ، 2006م
15. عبدالغفار محمد أحمد ، شريف عبد الله حديد المجتمع الريفي السوداني، الخرطوم 1981م.
16. عبدالله على حامد العبادي، أنماط ونماذج المدن الكبرى في السودان، معهد البحوث والدراسات العربية 1975م.
17. عصمت حسن زلفو شيكان ، تحليل عسكري لحملة الجنرال هكس، 1984م.
18. عوض عبد الهادي العطا تاريخ كردفان السياسي في المهدية (1881-1899م) طبعة أولى، المجلس القومي للآداب وال
uploading by : فؤاد
uploading by : فؤاد
Post a Comment