ملكة الدار محمد عبد الله (أول روائية سودانية)
Tuesday, 5 February 2013ولدت الأديبة السودانية الرائدة ملكة الدار محمد عبدالله بمدينة الأبيض، إقليم كردفان- الواقع غرب السودان سنة 1920، وهناك تلقت تعليمها الأولى في خلوة الشيخ إسماعيل الولي بالأبيض ثم التحقت بكلية المعلمات بأمدرمان لمدة سنتين لتعمل بعد تخرجها في عام 1934م بمجال التدريس. تعلمت اللغة الإنجليزية بمجهودها الخاص، وذلك بالمراسلة وبتبادل تعليم اللغة مع بعض المعلمات الإنجليزيات في السودان آنذاك.عملت معلمة في كثير من مناطق السودان، في كسلا وفي سنجة وفي الدلنج ثم في مدرسة أمدرمان الوسطى.في عام 1960م عينت مفتشة للتعليم في كردفان.عضو مؤسس في جمعية الأبيض الخيرية النسائية.ساهمت بمجهود كبير في حملات التوعية ضد الخفاض الفرعوني في كثير من أقاليم السودان.عضو في الاتحاد النسائي.إلى أن رحلت في 17 نوفمبر عام 1969 وكانت آخر وظيفة لها هي وظيفة مفتش مدني بتعليم الخرطوم .
تجيد الكتابة على الآلة الكاتبة.والعزف على البيانو.بارعة في العزف على الصفارة.تحب الغناء وتجيد تلحين الأناشيد كما تجيد الشعر.تحب قراءة القصص والأدب العربي بصفة عامة.روائية بارعة، وقد بدأت حياتها الأدبية بكتابة القصة القصيرة، واستطاعت من خلال كتاباتها أن تسلط الضوء على مختلف المشاكل التي تعاني منها المرأة السودانية في بيئة ريفية صميمة تعتبر تعبير المرأة عن المشاعر أمراً محظوراً. إلى جانب عملها كانت لها مشاركات مهمة وكانت ناشطة في مؤسسات وهيئات العمل النسوى.
من أشهر أعمالها القصصية «حكيم القرية» و «المجنونة» و«متى تعودين».
فازت بالجائزة الأولى في مسابقة الإذاعة السودانية للقصة القصيرة سنة 1947. وفازت قصتها «متى تعودين» بالجائزة الثانية في مسابقة القصة القصيرة التي نظمتها اذاعة ركن السودان بالقاهرة عام 1968م.
كان لها دور بارز في ريادة الرواية السودانية من خلال روايتها «الفراغ العريض» التي كتبتها في النصف الأول من الخمسينات وتأخرت في الطبع حتى أوائل السبعينات بعد وفاتها ولم يكتب لها أن ترى عملها الأدبي الكبير مطبوعا في كتاب.
وانقسمت تلك الأربعاء لأحياء.. يعرفها أهلها القدامى بالحلة(أو الفريق) ومن بين أشهر فرقان المدينة.. فريق القبة، سمي على ضريح(قبة) العارف بالله الشيخ إسماعيل الولي.
من جهة الشرق باتجاه الغرب يحده الخور القدامى(خور السوق)ومنة جهة الغرب باتجاه الشرق يحده طريق الإسفلت الحالي المتجه ناحية أبوشرا والصالحين.. ومن جهة الشمال باتجاه الجنوب موقع منازل آل الجاك مكي أبكر، من جهة الجنوب باتجاه الشمال الشارع الفاصل لمنزل العمدة الزين عبيد.
مثله كما في الأحياء الأخرى كان يعمر بالآبار ومعاصر الزيوت(العصارات) تجد بئر السيد حسين،السيد حنفي ،حسن أبو، محمداني،أم فرسان،عبد القادر حاج منصور،عبدا لهادي إدريس، وغيرها من الآبار التي وفرت كل ما يحتاجه الإنسان من ماء لاستعمالاته المتعددة أو لسعايته من الحيوانات(البقر،الضأن،الماعز،الإبل، الحمير،الخيل) ومن بعد آبار المياه المشاعة لأهل الحي وغيرهم(مبدأ الناس شركاء في الماء) تأتي المعاصر(العصارات) لا ينقطع أنينها ولا دوران جمالها(جمل العصارة) منذ الصباح الباكر وحتى بعد منتصف النهار فيها يعصر حب السمسم ليصير زيتا نقيا تألفه النفس، وأمبازا لعلف البهائم وللصغار حلوى(إنها السقدة) عرفها كل صغار الحي من الذين يملكون(عصارة) وممن لا يملكون.. وهكذا كان التكافل وهكذا كانت الرعاية الاجتماعية.. على نطاق الفريق توزعت عصارات الشيخ عثمان،إسماعيل عبد الرسول، حاجة هجرة،عبد القادر حاج منصور،إسماعيل حنفي، السيدة بتول، بتول بنت خديجة، وغيرها من العصارات.
في ليلتي الخميس والأحد تسمع صوت النوبة نوبة الشيخ إسماعيل الولي.. نوبة الإسماعيلية الطريقة الصوفية الوحيدة من بين سائر الطرق الصوفية في العالم الإسلامي أجمع ذات الأصل السوداني الصرف. هذا الفريق فريق مبروك ولد فيه الأستاذ إسماعيل بن عبد الله(الشيخ إسماعيل الولي) ومن بعده أولاده وأحفاده وتقف فيه القبة(قبة الشيخ إسماعيل يرقد بجانبه السيد المكي، إسماعيل الرقيق، السيد ميرغني، السيد تاج الأصفياء) وشيدت القبة من تراب فولة السيد المكي.
ومن المميزات الكثيرة التي لا حصر لها في هذا الحي والدالة على عراقته وسمو قدره من بين كافة أحياء المدينة القديمة إن وجدت به ثاني مدرسة للأولاد على نطاق المدينة القديمة كتاب القبة، وأنشئت به أيضا أول مدرسة بنات على نطاق المدينة القديم ، ووجدت به أيضا أول نقطة غيار على نطاق المدينة التي أصبحت من الدلائل الدالة على عظمة مدينة الأبيض من بين مدن السودان كافة.
فريق القبة وعلى مدى السنوات الطوال دفع برجال أفذاذ لمقدمة الصفوف الأمامية في تاريخ السودان.. ليس فقط من بين أبنائه الكثر في المجالات كافة.. ولكن كان له القدح الأوحد في تشكيل بدايات التكوين النفسي والمنهجي للإمام محمد أحمد المهدي قبل إندلاع الثورة في أبا عام 1881م وذلك من خلال زيارته السابقة لإعلان مهديته ونزوله ضيفا على السيد ميرغني بفريق القبة لأكثر من مرة.
وإن كان ذلك هو شأن الحي مع الآخرين فما بال الإنسان إذا عرف أن من أبناء الحي أعدادا لا يمكن حصرها في المجالات كافة لعبوا أدوارا مؤثرة في تاريخ السودان نذكر منهم من هم الأقرب إلى أجيال اليوم، الحاج الطاهر أحمد، أبو حسن أبو، عثمان إسماعيل(أبوالسيدة) آدم فضل الله، عثمان مكي فضل الله(ابعجل)، علي يسن،عبد القادر دفع الله ، ميرغني حسين زاكي الدين ، باهي السيد بدوي، مكي إسماعيل شنتوت، مصباح السيد مكي، مكي إسماعيل، صالح حميدة، محمد بخيت حبة،جعفر محمد علي بخيت، مكي السيد بكري،حنفي موسى نوري، عثمان كديرو، عثمان أبوسنينة ، حنفي السيد بكري،إسماعيل محمد طاهر، أحمد موسى الحدربي، عثمان إسماعيل فضل الله(قمبور)،باهي نور، ومئات الرجال الذين لعبوا أدوارا هامة على نطاق المدينة وبالتالي على نطاق السودان، أنا لا أحصي فهي ملامح مدينة الأبيض.
وفريق القبة دنيا قائمة بذاتها وعدا قطعته على نفسي بإذن الله أن أكتب عنه مستقبلا سفرا متفردا وفريدا كقدوة تحتذي وأمل يرجى أن يكون عليه حال الآخرين كحال أهل فريق القبة في جوانبه الإيجابية المقدرة.. ولكن وبجانب الوعد الموعود لا بد لي أن أذكر الفريق(فريق القبة) فيه ولدت وولد أخواني وأخواتي على يد القابلة (الداية كاكا).
في الصغر عرفت وأقراني ومن قبل وبعدنا عرفنا المرأة الشاملة والصالحة السيدة ميمونة.. أكلنا عندها الفريك والقنقليس والقضيم والنبق وسلطة الروب.. هدهدتنا وخمجتنا ودلعتنا.. نعمل ما نريد وتمسح بطرف ثوبها كل نفاياتنا.. في دارها ضحكنا ولعبنا وإتشاكلنا وهي كما هي كالعذراء البتول.. نشكو لها مشاكلنا البريئة تسمع إلينا بصبر ابن مريم المسيح.. ولا يذكر فريق القبة إلا وذكرت السيدة ميمونة.. شأنها شأن أهل البيت بيت الشيخ إسماعيل الولي.
كانت للحي صولات وجولات.. كان فيه نادي الاتحاد الذي شارك وبندية مشهودة في كل المباريات التي اقيمت في المدينة خاصة داخل الاستاد..كان الاسم في البداية الاتحاد ومقره منزل إسماعيل بكري.. ثم أصبح القبة ومقره منزل علي الأزهري(جوار القبة) وعاد الاسم مرة أخرى للاتحاد بعد أن جمع بين فريقي القبة والشاطيء وتنقل الفريق لعدة أماكن المنزل الذي سكنه عبدالمنعم المصري جوار منزل حاج الطاهر أحمد أمام مستوصف القبة الحالي.. ثم منزل مجمر عبدالرحمن حمد بالقرب من المنزل المذكور آنفا، ثم ارتحل لمنزل إسماعيل مصطفى، وأخيرا لمقره الحالي المعروف، لعب للنادي عدد من شباب الحي، إسماعيل بكري، عبدالقادر نني، إسماعيل الحاج، إسماعيل الشيخ، بطران، بكري إمام، الدقيل حارس المرمى، عمر كبس وغيرهم من الشباب.. وأشرف إداريا على النادي مجذوب إسماعيل كرار، الواثق دفع الله(كبير) وميرغني إسماعيل(ميرغني عشايا وغيرهم).
في داخل الحي أشهر شجر المدينة شجرة(أبا سرور) شجرة ضخمة من شجر اللالوب شرق الخور الوراني وغرب منزل علي يسن بجوار منزل عبدالقادر دفع الله تحت ظلالها الوارفة أقيمت صلاة الجنازة التي لا سجود لها وهي الصلاة على موتى أهل البيت( بيت الشيخ إسماعيل الولي) أى قبل الدفن بداخل القبة أو في حرمها وهم آل بيت السيد المكي.. يتجمع تحتها الصغار قبل الكبار فهي محطة رئيسية للنوبة.. وعشقناها نحن صغارا ومن غير أن ندري أهميتها الصوفية للسادة الإسماعيلية بوصفها الشجرة التي يقيم على فروعها (أبا سرور) المراجيح الطوطحانيات المكملة لفرحة العيد.
أيضا هناك شجرة لالوب شهيرة(شجرة زقل) القائد المهدي الأشهر وهي الشجرة التي شوهد على ظلالها جالسا الأستاذ المربي علي شنبول العارف بكل تواريخ قبائل كردفان، وهي الشجرة الواقفة بجوار منازلهم ومنازل آل الوقيع وميرغني حسين زاكي الدين. أيضا هنالك شجرة الدوم المعروفة لأهل الحي بشجرة السيدة مريومة السيد المحجوب..هذه الشجرة نعرفها ونحن صغار وجهال ذلك الزمن أقول نعرفها جيدا عندما كنا(نشاغل) الجمل ذلك الإنسان الضخم المعوق في أحد قدميه.. وبكري إمام خاصة لاينسى الجمل ولا الشجرة.. عندما تسلقها خوفا من الجمل وهو يحاول قطعها بفراره الصغير.. وكان ما كان.. نجا بكري من شر أعماله وا‘مالنا مع الجنال وشقاوة الطفولة.
من الأشياء التي ميزت حي القبة على غيره من الأحياء حنطور الأسطى محمد.. كانت الخيل والحمير هي الوسيلة المتوفرة بداخل المدينة يركبها أهل الشأن في الدار.. ولكن حنطور الأسطى محمد كان بمثابة نقلة حضارية كبرى بالنسبة للمدينة بشكل عام ،الغريب في الأمر لم تعرف المدينة لا من قبل ولا بعد حنطورا غير حنطور الأسطى محمد(وهو ذات الحنطور الذي كان يملكه الخواجة فاضل نادر وانتقلت ملكيته للأسطى محمد).
على زماننا نحن وفي المساحة الواقعة في الجزء الغربي من الخور الوراني للقبة مقابل منازل خليفة مختار، عبد الرحيم عثمان، عابدين الأمين، كانت لنا صولات وجولات في لعب كرة الشراب(الدافوري) علي فلبو،إسماعيل هوسا،ميرغني محي الدين،كنون، السرود الشايقية عثمان عبد الرحيم، صلاح حسن دسوقي، أحمد حسن دسوقي، عمر الزين عبيد، سر الختم عبد اللطيف، مختار خليفة مختار، بدوي خليفة مختار، عبد الله مسعود، عبدالله محمد الضو(شلن) التاج عبد الرحيم(بن جرة) إسماعيل شيخ محمد(ودال) عوض عابدين ، أحمد الدنقلاوي وعشرات الصبيان في ذلك الزمن.. في العديد من المرات هزمنا وهزمنا من أولا وصبيان الجزء الآخر من الحي منهم محمد أحمد عبد الباقي، سفيان الرفاع، عبد الصمد أبشر، وغيرهم العشرات ولا أظن أن أيا منا قد نسى الواقعة الشهيرة عندما اصطدم عبد الصمد وسر الختم عبد اللطيف.
في الشارع العريض الممتد غربا بحدود المدينة الغربية مارا بالمستوصف الحالي (الآن شارع أسفلت) بالقرب من منزل أحمد الطاهر أحمد، وآل كديرو ومن الناحية الجنوبية ومن الناحية الشمالية منزل مكي نور إبراهيم ومكي الزين.. كان كشك البوليس وهم من أهم علامات الحي في ذلك الزمان ، هناك أيضا طاحونة الخواجة اسبيروا مع أختها التوأم طاحونة الزنكي ، اسبيروا عرفت أيضا بطاحونة الياس تفاي (الياس تفاي خرب الحكاية وعمل المد بعشراية)لغة لا يفهمها إلا القدماء(المد وعاء كيل الذرة والعشراية قيمة الطحين النقدي) وهي تعبير عن غلاء خدمة طحن العيوش، أب ترو.. عامل الطاحونة النشط تعرفه كل نساء الحي وخاصة أهل الضهاري(أهل القرى الوافدين للمدينة كل يوم للبيع والشراء..) والطاحونة في الأزمان السابقة آلة لا تشكل أي ضرورة لسكان المدينة القديمة إذ أن هناك المرحاكة داخل كل البيوت لطحن الغلة لتصبح عجينا. في وقت لاحق بجانب الطاحونة المعنية أوجد الياس تفاي معصرة زيوت وأيضا هذه المعصرة لخدمة أهل القرى لآن الحي يعج بالعصارات.
تميز الحي بوجود الكنيسة القبطية في الجزء الشرقي وغرب الخور القدامي، إنه فريق القبة بكل دلالاته الروحية الصوفية ورجاله ومكنوناته ومضامينه وعطائهم.. وأنا أكتب ملامح فقط عن المدينة القديمة(الأبيض) واهل الحي يعرفون جيدا أحمد كديروا ومجموعته خاصة في ليالي رمضان عندما يوقظون النيام للسحور.. وهم يرددون:
يا باهي نور قوم للسحور .. يا ود رباح الوقت راح
على ترنيماتهم هذه يتناول أهل فريق القبة السحور.. وفي تلك الأزمان كان السحور يتم الإعداد له كما وجبة الإفطار لدى الصائم.. توقد النيران وبعد أكل العصيدة الرز باللبن ، الرقاق باللبن ، اللقيمات، الشاي القهوة وغيرها أيا كانت المأكولات والمشروبات، يبدأ الناس صيامهم لليوم المقبل.